يولد الطفل وقد منحه الله قدرات وصفات تميزه عن الآخرين. ومهما تشابه الأفراد والأخوة تظل السمات والفروق الفردية هي السمة المميزة لكل شخصية إذ أن شخصية الفرد تتكون من مزيج من الفروق الفردية والبيئة المحيطة به. وإن كانت الفروق الفردية الخاصة بكل فرد هبة الخالق للإنسان فمثلاً نجد الشاعر.. أو الموسيقي.. أو الرسام.. الخ، إلا أن "التربية" تُعد من إحـدى عناصر البيئة المحيطة بالطفـل والتي تؤثر في نموه وتكوين شخصيته إلى حد كبير. فالتربية هي مسئولية الأبوين معاً التي قد تؤثر بالسلب أو الإيجاب على السمات الفردية الموهوبة للطفل. فعلى سبيل المثال، نجد طفلاً مولوداً وله أذان موسيقية قادرة على تمييز الأصوات. وهنا تتدخل التربية في إظهار مواهب الطفل، فإذا انتبه الأبوين لذلك وعلما الطفل الموسيقى لأصبح لدينا عازف أو موسيقار متميز. وهناك مثالاً آخر يختص بصفة الشجاعة؛ فالطفل يولد وهو يجهل المخاطر المحيطة به فنجده مقبلاً عليها دون إدراك للنتائج المترتب عليها اندفاعه مثل لمس أكباس الكهرباء أو الأواني الساخنة أو الحيوانات التي قد يربيها البعض في المنازل، وقد يخرج من بعض هذه المغامرات بنتائج مؤلمة. ولكن مع مرور الوقت ونمو الطفل، تتكون لدى الطفل القدرة على التمييز بين ما هو خطر و ما هو آمن. وإلى أن يُدرك الطفل هذا بنفسه يكون المؤشر الخاص به تجاه الخطر هو الأب أو الأم عن طريق ردود أفعالهم تجاه هذه المخاطر الخارجية التي يمر بها الطفل. لذلك نستطيع أن نقول أنه لا يولد طفل جبان أو شجاع لكن سلوك أبويه هو الذي يؤثر على شجاعته ويولد لديه إما الإحساس بالإقدام أو الإحساس بالخوف.
وبالقياس على كل صفات الشخصية، نجد أن سلوكنا مع أطفالنا هو المحدد الأساسي لمعظم تصرفاتهم وسلوكهم فيما بعد. ومن هنا يظهر مدى أهمية دور الآباء في تربية أطفالهم التربية السليمة؛ فكل سلوك يصدر بقصد أو بدون قصد ينعكس على حياة الطفل بطريقة أو بأخرى. وبالنظر إلى ما يعانيه الآباء اليوم من مشاكل مع أبناءهم، نجد أن لهذه المشاكل صدى على بعض العادات أو السلوكيات الخاطئة التي سلكها الآباء مع الأبناء ولاسيما في السنوات الخمس الأولى حيث يمر الطفل بمرحلة في غاية الأهمية ويتعلم من كل المواقف والعادات والأحداث التي يمر بها والتي تأخذ فيما بعد صفة الطبع والسلوك.. وهذا يقودنا للحديث عن:
بعض العادات والسلوكيات الخاطئة في تربية الأطفال
ففي سلسلة من المقالات سنحاول إلقاء الضوء على بعض التصرفات الخاطئة التي قد تصدر من الأباء تجاه أطفالهم وتؤثر على سلوكهم فيما بعد. وقد راعينا الاختصار حيث أن كل موضوع من الموضوعات التالية يحتاج إلى دراسة مستفيضة.
1 ـ المحبة المشروطة :
منح الله حبه للإنسان دون شرط وأرسل ابنه ليفديه وينقذه من الخطية دون استحقاق وبلا سبب أو مقابل. وهذا النوع من الحب هو ما يحتاج أطفالنا إليه؛ إنهم يحتاجون محبة بلا سبب وبلا شروط.. نحتاج أن نظهر لهم محبتنا هذه رغم سلوكهم الخاطئ في بعض الأحيان. فهناك فرق بين عدم محبتنا للسلوك الخاطئ ومحبتنا لهم، فنحن نحبهم لأننا نحبهم. ولا داعي أن يسمع الطفل مثل هذه الكلمات "أنا بحبك لأنك شاطر.. أنا بحبك لأنك بتسمع الكلام.. أنا بحبك لأنك..". كل هذه الكلمات هي أمثلة للمحبة المشروطة الغير مطلوبة كأننا نقول للطفل إننا نحبه لهذا السبب فقط وبزوال هذا السبب تتحول هذه المحبة لشيء آخر. ولنتجنب هذا دعونا نغمر الطفل بالمحبة دون إبداء أي أسباب أو شروط بل نظهر لهم محبتنا هذه عن طريق اللعب معهم، وتمضية أوقات نتحدث معهم عن اهتماماتهم المختلفة، ولا نستخف بأحلامهم أو طموحاتهم.
2 ـ التخويف:
يلجأ بعض الأباء لأسلوب التخويف وذلك لإجبار الطفل على نهج سلوك معين مثل الطاعة أو الهدوء أو إتمام طعامه، فنجده يسمع كلمات مثل "أجيب لك العسكري.. أخدك للدكتور.. الفار حيعضك.. الخ". وبمزيج من خياله الخصب، تصبح هذه الشخصيات أو الرموز المستخدمة في تخويفه كائنات غامضة مرعبة يخشاها لمجرد سماعه عنها وقد يزوره إحداها وتظهر له في أحلامه أو في الظلام. ودون أن يدرى الأباء، نجدهم يزرعون بذار الخوف في حياة الطفل التي تستمر في النمو معه حتى بعد أن يكبر ويدرك أن أبواه كانا يكذبان عليه. ورغم علمه بأن تلك الشخصيات أو الرموز ليست حقيقة، إلا أننا نراه عاجزاً عن التخلص من الخوف الذي زرع بداخله منذ الصغر. فنجد رجال ونساء ناضجون يخشون الذهاب إلى الدكتور.. أو اخذ الحقن.. أو مجرد الذهاب إلى قسم البوليس لاستخراج بطاقة أو جواز سفر.. أو الخوف من حيوانات محددة مثل الكلاب أو القطط. كل هذه الحالات أمثلة لأطفال استخدم آبائهم معهم أسلوب التخويف لإخضاعهم وهاهم يجنون نتائجها.
3 ـ الاستجابة لرغبات الطفل في حاله البكاء أو الزن:
يلجأ بعض الأطفال إلى البكاء أو الزن لتحقيق رغباتهم بطريقة يفقد فيها الأباء أعصابهم ويتوترون. وللتخلص من هذا الموقف وطلبا للهدوء وعدم إزعاج المحيطين بهم نجدهم يتنازلون ويستسلمون لما يريده الطفل. ومتى خسر الأب أو الأم المواجهة الأولى مع الطفل يصبح الأمر أصعب في المرات التي تليها لمعرفة الطفل بالنتيجة مسبقاً لخبرته السابقة التي تغلب فيها على أبويه بالبكاء أو الزن.
ولتجنب ذلك تأكد من أنك هادئ ولا تفقد أعصابك، واشرح للطفل أنه يستطيع طلب أي شيء دون بكاء أو زن. وإذا استمر في البكاء ابلغه أنك لا تستطيع أن تفهمه أو تكلمه وهو يبكي فيجب أن يتوقف عن البكاء أولاً حتى تستطيع أن تتفاهم معه. وحتى إن استمر في البكاء، فبقليل من الصبر منك سوف يرهق ويستسلم. وفي هذه الحالة سوف نكون حققنا أمران:
1 ـ عدم تحقيق إرادة الطفل بهذه الطريقة الغير لائقة.
2 ـ معرفة الطفل أن هذه الطريقة لن تجدي لتحقيق ما يريد، وبذلك نكون قد تخلصنا من عادة غير مستحبة في حياة الطفل.
4 ـ الكلام السلبي:
يظن بعض الأباء أن كلمات التشجيع والمدح قد تصيب ابنه بالغرور عندما يمتدح سلوكه ويثنى عليه، وأن ما ينجزه الطفل في حياته كالتفوق الدراسي أو الطاعة واجب عليه لا يحتاج المدح أو التشجيع. والبعض الآخر يظن أنه عندما يوبخ ابنه بكلمات قاسية فإنه يمنع تكرار ما قد اقترفه الطفل من تقصير أو إهمال. والحقيقة أن كلاهما على خطا، فالأطفال شديدو التأثر بكلام والديهم سواء كان مدحاً أم ذم. فكلمات التشجيع والمدح تغذي الإحساس الداخلي للطفل بالقيمة والأمان، وعلى العكس فإن كلمات الذم والتوبيخ القاسي تسبب الكثير من الإحباط والفشل له مما تجعله يشك في قدراته على الإنجاز، كما يمكن أن تجعل بينه وبين بعض الأشياء التي نال بسببها التوبيخ عقدة لا يستطيع تخطيها طوال حياته. مثال على ذلك مما قد نسمعه من البالغين من عقدتهم تجاه علم الرياضيات أو اللغات الأجنبية بسبب المدرس أو الدرجات الضعيفة التي حصلوا عليها في الامتحانات. والحقيقة أن سبب هذه العقدة هي الطريقة التي تم بها معالجة ضعف التحصيل عند هؤلاء في صغرهم، فقد يكون الطفل قد سمع كلمات مثل "أنت فاشل.. طول عمرك ما تعرفش تعمل حاجة.. الخ". وتكون مثل هذه الكلمات من ضمن أسباب الفشل الحقيقي في حياه الطفل ويظل طوال عمره يُعذب بتردد هذه الكلمات داخله في عقله الباطن حيث اختزنها وتظل تطارده وتحبطه.
5 ـ العقاب البدني:
لكي نبحث في موضوع عقاب الأطفال نحتاج إلى بحث حالة كل طفل على حدة، فلكل طفل أسلوب يتمشى مع شخصيته قد لا يتوافق مع شخصية طفل آخر حتى لو كانا أشقاء. لكننا باختصار نوجز القول في موضوع العقاب البدني رغم أهميته لما يتعرض له الأطفال في عدة نقاط:
أنه أمر لا إنساني.
يولد العنف ويعلم الطفل القسوة حيث يتعامل مع المحيطين به بنفس أسلوب الضرب المتبع معه فنجد أقرانه يتجنبونه تفادياً لما قد يلاقونه منه. وهذا قد يؤدي إما إلى ازدياد العنف والقسوة أو إلى انطواءه وتحوله إلى شخصية غير اجتماعية.
وقد يظن الشخص القائم بالعقاب أنه لابد من أن يزيد من كمية الضرب حتى يصل إلى نتيجة مقبولة خاصة لو تعامل مع طفل عنيد. ولكن الخطورة هنا هو أنه بمرور الوقت سوف يعتاد الطفل على العقاب البدني والضرب دون أن يؤثر فيه.
سوف يتأثر الطفل فقط بوجود الشخص الذي يقوم بعقابه وضربه دون التأثر بالآخرين؛ فنجد الأهل يهددونه بهذا الشخص في غيابه ويتوعدونه بما سوف يلاقيه عند عودته، وهذا يعنى استحالة التحكم في سلوك الطفل بدون هذا الشخص.
قد يؤدي العقاب البدني إلى عاهات مستديمة في بعض الأحوال.
6 ـ توجيه الطفل أمام الآخرين:
يستغل بعض الأطفال وجود الضيوف أو تواجدهم في مكان عام مع والديهم للسلوك بطريقة مختلفة إما للقيام بتصرفات قد يعاقبوا عليها في عدم وجود أحد أو لحب الظهور واثبات الذات. وقد يزيد الأمر عن حده مما يسبب إحراج للوالدين وخاصة أمام الغرباء، ويحاول الأبوين توجيه الطفل بطريقة أو بأخرى لمنع استمرار الطفل فيما يقوم به من تصرفات. وفي أغلب الأحوال لا يستجيب الطفل لهذا التوجيه الذي قد يمس كرامته أمام الناس فيتمادى فيما يفعله، الأمر الذي قد يجعل الأبوين أو إحداهما يخرج عن شعوره ويضطران للانصراف من المكان أو على الأقل ضرب الطفل بعد أن يكون قد جذب انتباه جميع الحاضرين. وقد يسمع الوالدان كلمات من المحيطين به عن سوء تربية الطفل تسبب إحباطاً لهما وللطفل.
ولتجنب حدوث مثل هذا يُراعى عند ملاحظة مثل هذا السلوك أخذ الطفل على حدة في مكان بعيد بحيث لا يراه أو يسمعه الآخرين ويتم توجيه بصورة لطيفة وتشجيعه بأنه ولد كبير ولا يحتاج لعمل مثل هذه التصرفات التي يقوم بها الصغار فقط، وانه إذا أصر على القيام بمثل هذه التصرفات فسوف يضطرون تركه المرة القادمة ولن يصحبوه لمكان آخر حتى يتخلص من هذه التصرفات. ويجب على الوالدين أن يكونوا صادقين في مثل هذا التهديد لأنه إن كان لا يوجد مكان يمكن ترك الطفل فيه فسوف يعرف الطفل هذا وسيكون التهديد بلا فائدة وذلك لمعرفته بعدم جديته فلا يأخذ الكلام مأخذ الجد.
في المرات القادمة سوف نتابع بعض العادات السيئة الأخرى التي قد تصدر من الأباء بقصد أو دون قصد وقد تؤثر بالسلب على حياة الأبناء.
في ختام هذا المقال أود أن نرفع صلاة من أجل أبناءنا بأن يحفظهم الله من تأثيرات العالم
ما أمجد اسمك أيها الرب سيدنا وما أعظم أعمالك التي صنعتها لبني البشر
أحببتنا رغم عدم استحقاقنا ووهبت لنا حياة أفضل في دم ابنك يسوع المسيح
نشكرك من أجل نعمة البنين ونشكرك من أجل غد أفضل مضمون حسب وعودك الصادقة الأمينة
امنحنا يا ربنا أن نقوم ونرفع ونشجع بحسب إرشاد روحك القدوس
احفظ أولادك من شرور العالم وتأثيراته لأن ليس لنا سواك فأنت مصدر كل رجاء
لك المجد والكرامة القوة والسلطان
آمين
وبالقياس على كل صفات الشخصية، نجد أن سلوكنا مع أطفالنا هو المحدد الأساسي لمعظم تصرفاتهم وسلوكهم فيما بعد. ومن هنا يظهر مدى أهمية دور الآباء في تربية أطفالهم التربية السليمة؛ فكل سلوك يصدر بقصد أو بدون قصد ينعكس على حياة الطفل بطريقة أو بأخرى. وبالنظر إلى ما يعانيه الآباء اليوم من مشاكل مع أبناءهم، نجد أن لهذه المشاكل صدى على بعض العادات أو السلوكيات الخاطئة التي سلكها الآباء مع الأبناء ولاسيما في السنوات الخمس الأولى حيث يمر الطفل بمرحلة في غاية الأهمية ويتعلم من كل المواقف والعادات والأحداث التي يمر بها والتي تأخذ فيما بعد صفة الطبع والسلوك.. وهذا يقودنا للحديث عن:
بعض العادات والسلوكيات الخاطئة في تربية الأطفال
ففي سلسلة من المقالات سنحاول إلقاء الضوء على بعض التصرفات الخاطئة التي قد تصدر من الأباء تجاه أطفالهم وتؤثر على سلوكهم فيما بعد. وقد راعينا الاختصار حيث أن كل موضوع من الموضوعات التالية يحتاج إلى دراسة مستفيضة.
1 ـ المحبة المشروطة :
منح الله حبه للإنسان دون شرط وأرسل ابنه ليفديه وينقذه من الخطية دون استحقاق وبلا سبب أو مقابل. وهذا النوع من الحب هو ما يحتاج أطفالنا إليه؛ إنهم يحتاجون محبة بلا سبب وبلا شروط.. نحتاج أن نظهر لهم محبتنا هذه رغم سلوكهم الخاطئ في بعض الأحيان. فهناك فرق بين عدم محبتنا للسلوك الخاطئ ومحبتنا لهم، فنحن نحبهم لأننا نحبهم. ولا داعي أن يسمع الطفل مثل هذه الكلمات "أنا بحبك لأنك شاطر.. أنا بحبك لأنك بتسمع الكلام.. أنا بحبك لأنك..". كل هذه الكلمات هي أمثلة للمحبة المشروطة الغير مطلوبة كأننا نقول للطفل إننا نحبه لهذا السبب فقط وبزوال هذا السبب تتحول هذه المحبة لشيء آخر. ولنتجنب هذا دعونا نغمر الطفل بالمحبة دون إبداء أي أسباب أو شروط بل نظهر لهم محبتنا هذه عن طريق اللعب معهم، وتمضية أوقات نتحدث معهم عن اهتماماتهم المختلفة، ولا نستخف بأحلامهم أو طموحاتهم.
2 ـ التخويف:
يلجأ بعض الأباء لأسلوب التخويف وذلك لإجبار الطفل على نهج سلوك معين مثل الطاعة أو الهدوء أو إتمام طعامه، فنجده يسمع كلمات مثل "أجيب لك العسكري.. أخدك للدكتور.. الفار حيعضك.. الخ". وبمزيج من خياله الخصب، تصبح هذه الشخصيات أو الرموز المستخدمة في تخويفه كائنات غامضة مرعبة يخشاها لمجرد سماعه عنها وقد يزوره إحداها وتظهر له في أحلامه أو في الظلام. ودون أن يدرى الأباء، نجدهم يزرعون بذار الخوف في حياة الطفل التي تستمر في النمو معه حتى بعد أن يكبر ويدرك أن أبواه كانا يكذبان عليه. ورغم علمه بأن تلك الشخصيات أو الرموز ليست حقيقة، إلا أننا نراه عاجزاً عن التخلص من الخوف الذي زرع بداخله منذ الصغر. فنجد رجال ونساء ناضجون يخشون الذهاب إلى الدكتور.. أو اخذ الحقن.. أو مجرد الذهاب إلى قسم البوليس لاستخراج بطاقة أو جواز سفر.. أو الخوف من حيوانات محددة مثل الكلاب أو القطط. كل هذه الحالات أمثلة لأطفال استخدم آبائهم معهم أسلوب التخويف لإخضاعهم وهاهم يجنون نتائجها.
3 ـ الاستجابة لرغبات الطفل في حاله البكاء أو الزن:
يلجأ بعض الأطفال إلى البكاء أو الزن لتحقيق رغباتهم بطريقة يفقد فيها الأباء أعصابهم ويتوترون. وللتخلص من هذا الموقف وطلبا للهدوء وعدم إزعاج المحيطين بهم نجدهم يتنازلون ويستسلمون لما يريده الطفل. ومتى خسر الأب أو الأم المواجهة الأولى مع الطفل يصبح الأمر أصعب في المرات التي تليها لمعرفة الطفل بالنتيجة مسبقاً لخبرته السابقة التي تغلب فيها على أبويه بالبكاء أو الزن.
ولتجنب ذلك تأكد من أنك هادئ ولا تفقد أعصابك، واشرح للطفل أنه يستطيع طلب أي شيء دون بكاء أو زن. وإذا استمر في البكاء ابلغه أنك لا تستطيع أن تفهمه أو تكلمه وهو يبكي فيجب أن يتوقف عن البكاء أولاً حتى تستطيع أن تتفاهم معه. وحتى إن استمر في البكاء، فبقليل من الصبر منك سوف يرهق ويستسلم. وفي هذه الحالة سوف نكون حققنا أمران:
1 ـ عدم تحقيق إرادة الطفل بهذه الطريقة الغير لائقة.
2 ـ معرفة الطفل أن هذه الطريقة لن تجدي لتحقيق ما يريد، وبذلك نكون قد تخلصنا من عادة غير مستحبة في حياة الطفل.
4 ـ الكلام السلبي:
يظن بعض الأباء أن كلمات التشجيع والمدح قد تصيب ابنه بالغرور عندما يمتدح سلوكه ويثنى عليه، وأن ما ينجزه الطفل في حياته كالتفوق الدراسي أو الطاعة واجب عليه لا يحتاج المدح أو التشجيع. والبعض الآخر يظن أنه عندما يوبخ ابنه بكلمات قاسية فإنه يمنع تكرار ما قد اقترفه الطفل من تقصير أو إهمال. والحقيقة أن كلاهما على خطا، فالأطفال شديدو التأثر بكلام والديهم سواء كان مدحاً أم ذم. فكلمات التشجيع والمدح تغذي الإحساس الداخلي للطفل بالقيمة والأمان، وعلى العكس فإن كلمات الذم والتوبيخ القاسي تسبب الكثير من الإحباط والفشل له مما تجعله يشك في قدراته على الإنجاز، كما يمكن أن تجعل بينه وبين بعض الأشياء التي نال بسببها التوبيخ عقدة لا يستطيع تخطيها طوال حياته. مثال على ذلك مما قد نسمعه من البالغين من عقدتهم تجاه علم الرياضيات أو اللغات الأجنبية بسبب المدرس أو الدرجات الضعيفة التي حصلوا عليها في الامتحانات. والحقيقة أن سبب هذه العقدة هي الطريقة التي تم بها معالجة ضعف التحصيل عند هؤلاء في صغرهم، فقد يكون الطفل قد سمع كلمات مثل "أنت فاشل.. طول عمرك ما تعرفش تعمل حاجة.. الخ". وتكون مثل هذه الكلمات من ضمن أسباب الفشل الحقيقي في حياه الطفل ويظل طوال عمره يُعذب بتردد هذه الكلمات داخله في عقله الباطن حيث اختزنها وتظل تطارده وتحبطه.
5 ـ العقاب البدني:
لكي نبحث في موضوع عقاب الأطفال نحتاج إلى بحث حالة كل طفل على حدة، فلكل طفل أسلوب يتمشى مع شخصيته قد لا يتوافق مع شخصية طفل آخر حتى لو كانا أشقاء. لكننا باختصار نوجز القول في موضوع العقاب البدني رغم أهميته لما يتعرض له الأطفال في عدة نقاط:
أنه أمر لا إنساني.
يولد العنف ويعلم الطفل القسوة حيث يتعامل مع المحيطين به بنفس أسلوب الضرب المتبع معه فنجد أقرانه يتجنبونه تفادياً لما قد يلاقونه منه. وهذا قد يؤدي إما إلى ازدياد العنف والقسوة أو إلى انطواءه وتحوله إلى شخصية غير اجتماعية.
وقد يظن الشخص القائم بالعقاب أنه لابد من أن يزيد من كمية الضرب حتى يصل إلى نتيجة مقبولة خاصة لو تعامل مع طفل عنيد. ولكن الخطورة هنا هو أنه بمرور الوقت سوف يعتاد الطفل على العقاب البدني والضرب دون أن يؤثر فيه.
سوف يتأثر الطفل فقط بوجود الشخص الذي يقوم بعقابه وضربه دون التأثر بالآخرين؛ فنجد الأهل يهددونه بهذا الشخص في غيابه ويتوعدونه بما سوف يلاقيه عند عودته، وهذا يعنى استحالة التحكم في سلوك الطفل بدون هذا الشخص.
قد يؤدي العقاب البدني إلى عاهات مستديمة في بعض الأحوال.
6 ـ توجيه الطفل أمام الآخرين:
يستغل بعض الأطفال وجود الضيوف أو تواجدهم في مكان عام مع والديهم للسلوك بطريقة مختلفة إما للقيام بتصرفات قد يعاقبوا عليها في عدم وجود أحد أو لحب الظهور واثبات الذات. وقد يزيد الأمر عن حده مما يسبب إحراج للوالدين وخاصة أمام الغرباء، ويحاول الأبوين توجيه الطفل بطريقة أو بأخرى لمنع استمرار الطفل فيما يقوم به من تصرفات. وفي أغلب الأحوال لا يستجيب الطفل لهذا التوجيه الذي قد يمس كرامته أمام الناس فيتمادى فيما يفعله، الأمر الذي قد يجعل الأبوين أو إحداهما يخرج عن شعوره ويضطران للانصراف من المكان أو على الأقل ضرب الطفل بعد أن يكون قد جذب انتباه جميع الحاضرين. وقد يسمع الوالدان كلمات من المحيطين به عن سوء تربية الطفل تسبب إحباطاً لهما وللطفل.
ولتجنب حدوث مثل هذا يُراعى عند ملاحظة مثل هذا السلوك أخذ الطفل على حدة في مكان بعيد بحيث لا يراه أو يسمعه الآخرين ويتم توجيه بصورة لطيفة وتشجيعه بأنه ولد كبير ولا يحتاج لعمل مثل هذه التصرفات التي يقوم بها الصغار فقط، وانه إذا أصر على القيام بمثل هذه التصرفات فسوف يضطرون تركه المرة القادمة ولن يصحبوه لمكان آخر حتى يتخلص من هذه التصرفات. ويجب على الوالدين أن يكونوا صادقين في مثل هذا التهديد لأنه إن كان لا يوجد مكان يمكن ترك الطفل فيه فسوف يعرف الطفل هذا وسيكون التهديد بلا فائدة وذلك لمعرفته بعدم جديته فلا يأخذ الكلام مأخذ الجد.
في المرات القادمة سوف نتابع بعض العادات السيئة الأخرى التي قد تصدر من الأباء بقصد أو دون قصد وقد تؤثر بالسلب على حياة الأبناء.
في ختام هذا المقال أود أن نرفع صلاة من أجل أبناءنا بأن يحفظهم الله من تأثيرات العالم
ما أمجد اسمك أيها الرب سيدنا وما أعظم أعمالك التي صنعتها لبني البشر
أحببتنا رغم عدم استحقاقنا ووهبت لنا حياة أفضل في دم ابنك يسوع المسيح
نشكرك من أجل نعمة البنين ونشكرك من أجل غد أفضل مضمون حسب وعودك الصادقة الأمينة
امنحنا يا ربنا أن نقوم ونرفع ونشجع بحسب إرشاد روحك القدوس
احفظ أولادك من شرور العالم وتأثيراته لأن ليس لنا سواك فأنت مصدر كل رجاء
لك المجد والكرامة القوة والسلطان
آمين